أخبار التونسيين
25.00 د.ت
مثل مؤلف «أخبار التونسيين: مراجعات في سرديات الانتماء والأصول» مغامرة خاضها لطفي عيسى من بوابة المؤرخ المنفتح على حقول معرفية ليست لها صلة عضوية بمهنته وتخصصه الأصلي لذلك مثلت إعادة زيارته لمتون أدبية مسألة جوهرية تنم عن رغبة في مراجعة المفاهيم الإجرائية والمدونات المصدرية التي يشتغل عليها المؤرخ، فهي محاولة لتجاوز المأزق المعرفي الذي تعيشه العلوم الإنسانية والاجتماعية بصفة عامة بما فيها «علم التاريخ». فقد حاول من خلال هذا المؤلف اقتحام مجال «ابستمولوجيا المعرفة التاريخية وفلسفتها».
قدّمت لنا هذه الفصول أزمنة مختلفة للتونسيين تحيل على أصولهم وانتماءاتهم فكانت الانطلاقة بالبحث في «الأساطير المؤسسة» عبر العودة للخرافات الشعبية التي تحيل على «زمن الحكاية» وهو زمن موغل في التاريخ وفي القدم، لينتقل المؤلف وفي مرحلة ثانية لـ«زمن المجال» قصد توسيع أبعاد الانتماء والانتساب عبر ربط تاريخ التونسيين وأخبارهم بمجالات ثبت تأثير تاريخها في صناعة مختلفة انتماءاتهم.
عبّر الزمن الثالث عن انقلاب النظرة إلى الخبر تونسيا من خلال ربطه بفضول الشعوب الراغبة في الانعتاق والتقدم وتجسد ذلك من خلال ما وسم بـ «زمن الرزنامة»، وكان الزمن الرابع أكثر التصاقا بالذات وبالوجدان.
تتبع الفصل الأول أو «الزمن الأول» أخبار التونسيين والشخصية التونسية ومثّل فرصة للعودة للأساطير المؤسسة من خلال مساءلة رصيد تراثي بقي ولمدة طويلة محل تهيب من المؤرخين لما ينطوي عليه من خصوصيات وهو «الحكايات» و»الأمثال الشعبية». وفي هذا الإطار اعتمد «لطفي عيسى» على مؤلف «سالم ونيس» «الحكاية الخرافية والشعبية» والذي تضمن ما يزيد عن 130 خرافة تونسية.
تقترن أهمية هذه المدونة التي عمل «لطفي عيسى» على مساءلتها بثلاث نقاط: علاقتها بالزمن، علاقتها باللغة، والمضمون أو المباحث.
تحيل الحكايات والأمثال الشعبية على أزمنة بعيدة لذلك تم اعتبارها من النصوص المؤسسة لشخصية التونسيين فهي «نتاجا لحكمة الأجداد» و»بصمات ثقافية احتفظت بها ذاكرة جماعية حية»وثّقت للذاكرة المشتركة وكشفت مواطن الشخصية الجماعية فهي تحيل على الانتماء والانتساب.
تبقى إذن علاقة هذه النصوص بأزمنة غابرة بعيدة غير محددة في كثير من الأحيان من النقاط التي أهلت حضورها المستمر داخل ظرفيات مختلفة، فهي تحيل على الشخصية التونسية وعمق انغراسها في زمن بعيد سرمدي أحيانا وزمن تاريخي أحيانا أخرى من خلال إدراج بعض الأحداث التاريخية الواقعية.
Vous devez être connecté pour publier un avis.
Avis
Il n’y a pas encore d’avis.