الصمت او سكيزوفرينيا

20.00 د.ت

تتجلّى خاصيّة الرواية في الكشف عن المسكوت عنه ، و أنت في حضرة الصمت تظنّ نفسك أمام أخصائية نفسية تتابع بدقّة ما يحدث لسلمى الطبيبة النفسية التي وجدت نفسها أمام إحدى مريضاتها « سناء » و هي جثّة هامدة بعد حادثة انتحار شنيعة ، تتابع سلمى الطبيبة هواجسها في البداية من إزاحة الغطاء و الخوف يسكنها من غرفة الطب الشرعي و أخيرا استجمعت قواها و رفعته و إذا بها أمام أنثى تحيط ثدييها برباط حريري ضغط بشدّة حتى صار صدرها أملس خلافا للآثار و الجروح التي وجدتها في أكثر من مكان …

UGS : 9789938921717 Catégorie :
Description

تتجلّى خاصيّة الرواية في الكشف عن المسكوت عنه ، و أنت في حضرة الصمت تظنّ نفسك أمام أخصائية نفسية تتابع بدقّة ما يحدث لسلمى الطبيبة النفسية التي وجدت نفسها أمام إحدى مريضاتها « سناء » و هي جثّة هامدة بعد حادثة انتحار شنيعة ، تتابع سلمى الطبيبة هواجسها في البداية من إزاحة الغطاء و الخوف يسكنها من غرفة الطب الشرعي و أخيرا استجمعت قواها و رفعته و إذا بها أمام أنثى تحيط ثدييها برباط حريري ضغط بشدّة حتى صار صدرها أملس خلافا للآثار و الجروح التي وجدتها في أكثر من مكان . بها رغبة في معرفة سبب انتحارها و هي التي زارتها مرتين ، الأولى عندما أمسكت بها الشرطة و الثانية عندها أخذها والدها ليفهم سبب انحرافها الذي أشاعه ، قدّرت أنّها حالة مراهقة صعبة و لم تنتبه إلى أنّ الفتاة تعاني من اضطرابات في السلوك ، قد أخبرتها سابقا أنّها تعشق الخروج في الليل للتمشّي حافية و تُعاقب على خروجها بهذا الشكل ، شيء ما دغدغ مشاعر الطبيبة و جعلها تصرّ على معرفة سبب انتحار مريضتها ، خوفها أيضا من تأنيب الضمير في عدم تشخيص الحالة جيّدا آنذاك جعلها ترى طيف سناء كلّما انفردت بنفسها ، حتى أصبحت تشكّ بأنّها مصابة بسكيزوفرينيا و طلبت مساعدة أستاذها و طبيبها ، كان طيف الفتاة لا يفارقها أينما حلّت و يخاطبها و بدأت رحلتها في عقلها الباطن و لاوعيها لتعرف ما الذي يدفع بالذكريات للقفز إلى حاضرها ، سناء كانت النور الذي أضاء ذاكرة سلمى و كشف نكرانها للماضي و الجريمة التي ارتكبت في حقّها و هي صغيرة لا تدرك شيئا أو تفقه ما يحصل لها ، كانت بدل أن ترى نفسها في المرآة ، تشاهد سناء تطلّ عليها و كأنّها تقلّبها ، و احتدّ الصراع بينها و بين الطيف الذي يزورها مرتديا الوشاح الوردي ، كان هذا اللون يثير حفيظتها ، يزعجها و يدخلها في نوبات هلع و خوف ، في حوار دائم مع خيال سناء و كأنّها حاضرة و هنا يتجلّى إبداع الكاتبة في وصف أدقّ الأعراض التي تصاب بها سلمى و العبارات التي تلقي بها سناء الغائبة عن العالم و الحاضرة في ذهن سلمى و هي تخاطبها بأنّه لربّما ما كان يزعجها هو تأنيب الضمير أو محاولتها لإخفاء شيئا ما لا تودّ أن يطفو على السطح . حالتها النفسية المشوشة حملتها على زيارة بيت سلمى و عائلتها و الحي المدقع في الفقر و الخصاصة و اكتشاف سرّ إصرار الفتاة على الحضور دائما في مخيّلتها و هناك اكتشفت الوضع المزري و الأسري و البيئة التي عانت فيها الفتاة ، لم تجد أجوبة تشفي تساؤلاتها لكنّها اعترضت صديقتها رجاء التي سلّمتها دفتر مذكرات سناء و كذبّت كلّ ما كان يشيعه والدها على ابنته أنّها فاجرة و مجنونة .. والدها الذي حرمها من السكينة و تحرّش بها ، اعتدى عليها في أكثر من مناسبة ممّا دفعها إلى إيذاء جسدها و حرقه في أماكن عدّة علّه يبتعد عنها و يكره جسدها ، نقمت على أنوثتها و جسدها و دمرّته بعدما تعرّضت إلى أبشع اعتداء من أقرب النّاس إليها ، رغم أنّ سلمى لم تكتشف هذا إلاّ بعد لأي و هي تبحث عن سبب فزعها من قصّة سناء إلاّ أنّها اكتشفت هي الأخرى ، أنّها كانت ضحية اعتداء أبيها الذي كان يلجها و يضاجعها و يضع أيضا ذلك الوشاح الوردي و يرشّه بعطر أمّها على عينيها و يطلب منها أن لا تخبر الماما و تبقي هذا السرّ بينهما ، زنا المحارم و هذا الاعتداء دفع مريم والدة سلمى إلى قرار الطلاق و محاولتها إنقاذ ابنتها قدر ما استطاعت من هذه الجريمة النكراء و لكنّ لاوعي الصغيرة احتفظ بالذكريات لمدّة ثلاثين سنة جعل سلمى تعاني و ترفض أي علاقة بالجنس الآخر و هي معدمة الثقة في نفسها و في أي رجل ، ما حدث معها من أقرب رجل في العالم إلى قلبها ، خشيت إغضابه و ابتعاده و هو الذي كان سبب وجودها في هذا العالم جعلها تكره نفسها « هي  » و تنكر ذاتها و جسدها و تتنتقم من أنوثتها و تطمسها و تقبرها في التفوق في الدراسة ، فاقدة لكلّ مهارات التواصل مع الآخرين ، متشبّهة بالصبيان ، لم تعد هي سلمى الأنثى ، أثّر هذا على علاقتها بكلّ الرجال و رفضها لموضوع الزواج مطلقا ، حتّى هاشم التي كانت تحبّه و يحبّها تخشاه و تخشى اقترابه و لمساته . لم يمنعها هذا الصراع و هذا التشظّي من الانتباه إلى مذكرات فتاة دخلت مستشفى الامراض العقلية و تعرضت للضرب و الشتم و العنف اللفظي و الجسدي و قد أثار ريبتها و دفعها للبحث عن الضحية الثانية ، كوثر أختها الصغرى التي تحدثت عنها سناء في مذكراتها و خوفها من اعتداء أبيها على كوثر ، زارت سلمى البيت لتحادث الأمّ لكنّها فوجئت بلامبالاتها و معرفتها بكلّ ما يحدث دون أن تبدي ساكنا و قد أصبحت كوثر مومسا لكي تنقذ نفسها من يد قريبة تتحرّش بها و تفضّل أخرى غريبة تلمسها ، من خلال بيع اللذة و الهوى تشتري سكينة أبيها في التحرش و مضاجعة أخريات و اقتنائه للخمر ، كانت زينتها و ملابسها لا تشبه فتاة في مثل عمرها بل أفقدتها براءتها و طفولتها ، عائلة بأكملها دمّرت و لم تجد خيارا آخر لتنفذ كوثر من براثن أبيها و أخذها إلى بيت والدتها لعلّها تكفّر عن ذنبها و تمنع وقوع ضحيّة أخرى . قرّرت سلمى أن تواجه نفسها و ماضيها و تتصالح معه و مع جسدها و لهذا اختارت الرحيل إلى العاصمة ، لكنّها لم تتخيّل وجود أنور الهاني يدرّسها في نفس المعهد الذي اختارته لتعالج نفسها و تسترجع الحياة و « هي » ، أنور الهاني الذي وجدته صدفة في المحطة و قصّت عليه حكايتها من الأوّل إلى الأخير بأكملها و بكامل العقد التي تحملها لتجده بعد حين يقف ليساندها و يشجعها على تجاوز أزمتها و يطلب منها عبر تمرين صغير و هي ترى نفسها قادمة من بعيد على شاطئ الرمال لتفرغ العطونة و الكراهية التي رسخت في باطنها لتقول لنفسها أنّها تحبّها و قد بدأت مشوارا جديدا مع أنور الهاني و قد تخيّلته يقترب منها و هي التي كانت ترفض أن يقترب منها رجل واحد و لم يستطع حتى هاشم أن يفعل ما فعله أنور معها و قد أضاء لها السبيل للمصالحة مع ذاتها و أنوثتها ، هند الزيادي استطاعت في هذه الرواية أن تختزل معاناة كاملة و صمت الضحايا و خاصة العائلات التي تعاني الفاقة من الكلام و البوح و مقاضاة هؤلاء الجناة ، هذه الرواية التي تحولت إلى فيلم أخرجته إيناس الدغيدي . فيلم تقف فيه طويلا على بشاعة و ألم الضحايا و على صمت المجتمع الذي يدفع الجناة إلى التمادي في ارتكاب الجرائم الفظيعة و التي تكون نتائجها كارثية و قليل منهم من يملك الوعي و الثقافة لينقذ ما يمكن إنقاذه دون خجل . كما أثبتت الكاتبة أنّ للفنون و خاصة الفنون المسرحية دورها في إنقاذ و تصالح النفس مع جسدها كما حدث مع سلمى . و قد استعملت الكاتبة اللهجة المحلية لتعبّر عن مستوى و إدراك كل شخصية بما يلائمها من خطاب .

Avis (0)

Avis

Il n’y a pas encore d’avis.

Soyez le premier à laisser votre avis sur “الصمت او سكيزوفرينيا”