كوسطا
20.00 د.ت
تعدّ الكرنفالية من المصطلحات التي أدخلها باختين إلى النقد الروائي وهي من أسس حوارية خطاب الرواية التي تسم مشروعه الروائي، وإذا كان هذا المصطلح مجترحا من عوالم الاحتفالات الشعبية الواسعة، بما فيها من طقوس، فإنّ ما يوظّفه باختين هو جانبها المتحرر باعتبارها أيام انفلات وتحرّر من اليومي والسّلطوي. «فليس بعد إحياء التقاليد القديمة وتنشيطها ما يهمّ هذا التفكير، وإنما نهج البحث في العقلية التي أنتجت الكرنفال، والالتفات إلى الجزء المهمّش المنسي في قطاعات الثقافة، الذي عدّ دائما خارج عالم النبلاء صوت السوقة والرعاع» على حدّ تعبير الباحثة بسمة عروس. فالخطاب الكرنفالي عند باختين هو خطاب «إدخال الاستثنائي إلى ثمالة اليومي». وهو ما يرسي، على حد قوله، أدبا ذا نكهة كرنفالية، يوظّف الهامش ويستقطب إلى عوالمه خطاب الهامش المستهجن والمرفوض سلطويا، بصوته وحكاياته ومغامراته ونزقه وسخريته وتألمه. فالرواية حسب هذا التّوجّه تبني خطابها من المغيّب والمنسي والمسكوت عنه، لتنسج حواريّة خطابها وترسم عالمها الأيديولوجيّ وتتّخذ موقفها من الرّاهن. وهو ما يجعل الكتابة بنكهة كرنفاليّة، كتابة متصادمة مع الثقافة الرسمية والخطاب السلطوي. إنها كتابة تعرّي الواقع وتتجاهل التّحذير من الثّالوث المحرّم. وهي تميل إلى الفضاءات الممنوعة والشّخصيّات المنبوذة والظريفة، والأحداث المسكوت عنها.
ولعلّ رواية «كوسطا» لمحمد الصالح البوعمراني تنهج هذا الخطاب. فهي كتابة بهذه النّكهة الكرنفالية، التي تتنصّل من الثّالوث المحرّم، وتطمح إلى نزع الأقنعة، راصدة الواقع الاجتماعي والسياسي في تونس ما قبل الثّورة وبعدها. منتقلة من مناخ يتسم بنفوذ المقربين من الحزب الحاكم وممارساتهم، إلى آخر يتسم بالفوضى والتقلّب وتغلغل الظّاهرة السلفيّة. ويمكن أن نستشفّ هذه الكرنفاليّة في مختلف المكونات السردية للرواية، ومنها الفضاء والشخصيات والأحداث.
رواية «كوسطا» لمحمد الصالح البوعمراني
تعدّ الكرنفالية من المصطلحات التي أدخلها باختين إلى النقد الروائي وهي من أسس حوارية خطاب الرواية التي تسم مشروعه الروائي، وإذا كان هذا المصطلح مجترحا من عوالم الاحتفالات الشعبية الواسعة، بما فيها من طقوس، فإنّ ما يوظّفه باختين هو جانبها المتحرر باعتبارها أيام انفلات وتحرّر من اليومي والسّلطوي. «فليس بعد إحياء التقاليد القديمة وتنشيطها ما يهمّ هذا التفكير، وإنما نهج البحث في العقلية التي أنتجت الكرنفال، والالتفات إلى الجزء المهمّش المنسي في قطاعات الثقافة، الذي عدّ دائما خارج عالم النبلاء صوت السوقة والرعاع» على حدّ تعبير الباحثة بسمة عروس. فالخطاب الكرنفالي عند باختين هو خطاب «إدخال الاستثنائي إلى ثمالة اليومي». وهو ما يرسي، على حد قوله، أدبا ذا نكهة كرنفالية، يوظّف الهامش ويستقطب إلى عوالمه خطاب الهامش المستهجن والمرفوض سلطويا، بصوته وحكاياته ومغامراته ونزقه وسخريته وتألمه. فالرواية حسب هذا التّوجّه تبني خطابها من المغيّب والمنسي والمسكوت عنه، لتنسج حواريّة خطابها وترسم عالمها الأيديولوجيّ وتتّخذ موقفها من الرّاهن. وهو ما يجعل الكتابة بنكهة كرنفاليّة، كتابة متصادمة مع الثقافة الرسمية والخطاب السلطوي. إنها كتابة تعرّي الواقع وتتجاهل التّحذير من الثّالوث المحرّم. وهي تميل إلى الفضاءات الممنوعة والشّخصيّات المنبوذة والظريفة، والأحداث المسكوت عنها.
ولعلّ رواية «كوسطا» لمحمد الصالح البوعمراني تنهج هذا الخطاب. فهي كتابة بهذه النّكهة الكرنفالية، التي تتنصّل من الثّالوث المحرّم، وتطمح إلى نزع الأقنعة، راصدة الواقع الاجتماعي والسياسي في تونس ما قبل الثّورة وبعدها. منتقلة من مناخ يتسم بنفوذ المقربين من الحزب الحاكم وممارساتهم، إلى آخر يتسم بالفوضى والتقلّب وتغلغل الظّاهرة السلفيّة. ويمكن أن نستشفّ هذه الكرنفاليّة في مختلف المكونات السردية للرواية، ومنها الفضاء والشخصيات والأحداث.
Vous devez être connecté pour publier un avis.
Avis
Il n’y a pas encore d’avis.