مقبرة المياه
18.00 د.ت
في الطبعة الثانية من روايته «مقبرة المياه» الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، يطرح الكاتب الليبي محمد عبدالمطلب الهوني عددًا من الأسئلة، منها لماذا قسّم الإنسان الزمن على وقع شروق الشمس وغروبها، وليس على أهمية الأحداث التي تدور تحت مدارها؟ ولماذا لا يكون لكل إنسان زمانه، فيُقاس العمر على زخم وقائع الحياة، لا على توالى الليل والنهار، برتابته الأبدية؟ مقبرة المياه التي تبدأ بمشهدٍ لكابوس رآه زكريا الذي يقيم في منزل ليزا الإيطالية التي رحل عنها زوجها ماريو تاركًا لها منزلًا تحيط به مزرعة صغيرة، وقد عهدت الكنيسة إلى ليزا بإيواء زكريا المهاجر في منزلها، تناقش فكرة الزمن وما جدواه متأرجحة بين الموت والحياة، كما تناقش هجرة الأفارقة والعرب إلى أوروبا، مشيرة إلى أن السيد المسيح جاء لخلاص البشرية كلها، لا المسيحيين فقط. الرواية تناقش كذلك حالة الازدواجية التي يعيشها البعض، خاصة الأعيان، إذ يذهبون إلى حفلات المجون وبعدها يدخلون المساجد لأداء صلاة الجمعة في خشوع ظاهري، هنا تضعنا الرواية أمام شخصية تتعايش مع الحياة وكأنها مرض مزمن، تتعود الأعصاب الناقلة للألم على اعتباره قاعدة لا استثناء لها، فيستحيل إلى عافية من نوع خاص. هذه الشخصية تحاول الاختباء في ذات أخرى بديلًا عن ذاتها التي تحتقرها.
الرواية تقول لنا كذلك إن هناك أفرادًا يريدون أن يحملوا أخطاءهم وخطاياهم على شماعة القضاء والقدر، كما نعرف هنا أن رفاهية الإنسان لا تعنى إلا بؤس الطبيعة، وتراكم البؤس لا يُفضي إلا إلى الثورة. كما تريد أن تقول لنا إن هناك أفرادًا يعيشون في عالم الأساطير طوال الوقت، هاربين من الواقع الذي يرفضونه جملة وتفصيلًا، كذلك تقول إن رجال الدين هم الذين يعرفون سطوة الغموض على عقول العامة، كما أن الكلمات لا تكتسب قداستها إلا من غموضها.
Vous devez être connecté pour publier un avis.
Avis
Il n’y a pas encore d’avis.