تعد رواية «آخر رمانات العالم» (ترجمها إبراهيم خليل وعبدالله شيخو وصدرت عن دار مسكلياني) من أهم أعمال الكاتب الكُردي بختيار علي (1960م)، ونقطة التحوّل الأبرز في مساره الروائي؛ إذ ترجمت إلى عدد من اللغات العالميّة الحيّة مثل: الألمانيّة والإنجليزية والفارسيّة والإيطاليّة والعربيّة مؤخّرًا. وصفها الناقد الألماني شتيفان فايدنر بأنها «قنبلة بكل معنى الكلمة». في هذا العمل، يدوّنُ بختيار علي تفاصيل رحلة أبٍ يبحثُ عن ثلاثة أبناء مفقودين، يحملون الاسم نفسه، بينما لكلّ واحد منهم حكاية مختلفة، تكاد تكون قائمة بذاتها.
تبدأ الرواية من النهاية؛ حيث (مظفري صبحدم) بطل الرواية في سجنه، يسرد خواطره وحديثه ونجواه مع صحراء لا نهاية لها، وجدران أربعة لسجن بقي فيه 21 عامًا، بعد أسره من بين قوات البشمركة؛ لتعود بالقارئ إلى البداية، ويعود معها مظفري يسرد قصته في السجن، ومواقفه، ووجهة نظره التي هي وجهة نظر الكاتب (بختيار علي) نفسها عن العالم والوجود، والغوص في أعماق التاريخ المأساوي للشعب الكردي في العراق؛ في ثمانينيات القرن الماضي، وصولًا إلى تسعينياته؛ ليروي في أثنائها تفاصيل تلك الأحداث. سرد رائع لمراحل تاريخية؛ يبين فيه الكاتب مدى تأثر الإنسان بأحداثها، ومدى قدرته على تحملها، بعد أن وضعت تلك المراحل أوزارها، يصبح من الصعب تصديق كل ما جرى لهم فيها، ليكمل روايتها؛ التي هي في الأساس حادثة بحث مظفري عن ابنه (سرياسي) الضائع؛ ليجد ثلاثة أطفال يحملون الاسم نفسه، وثلاثتهم شربوا من عصير الرمان؛ الذي سميت الرواية تيمُّنًا به، وهم في المهد- ليعرّي لنا كل الظروف التي قتلت الطفولة، وكانت سببًا رئيسًا في وأدها؛ وهي على قيد الحياة في بلدهم- حيثُ لكل واحدٍ منهم طبيعة مختلفة عن الآخر، ونمط معيشة لا تشبه الثاني، فالأول يرد ذكره في سوق الباعة المتجولين الذين يحتمون به، فيدافع عنهم ويصبح بطلًا أسطوريًّا لهم، والثاني ينخرط في ساحات القتال، ويرغب في الموت الذي لا يأتيه، والثالث يعود إلى الوطن بعد اغتراب عنه مع المسافرين.
Avis
Il n’y a pas encore d’avis.