رواية « بحر الصِّبا » مكرّسة للسوفخوزات، أي الإستثمارات الزراعية الحكومية السوفيتية البائسة، لكنها ليست من طراز ما يسمّى بالروايات المهنية النقابية أو الإنتاجية.
وقد يصح إعتبارها حكاية من الزراعة السوفيتية في ذاك الزمان، والرأي السائد أن بلاتونوف كتبها في مطلع الثلاثينات، ولم تر النور إلا بعد نصف قرن، حيث نشرت في الغرب عام 1980، وفي الإتحاد السوفيتي عام 1986، في عهد المصارحة والتغيير (ميخائيل غورباتشوف).
من خلال بطلة الرواية، مديرة السوفخوز ناديجدا بوستالويفا، يصوّر بلاتونوف، بلغة تهكمية مريرة، بؤس الحياة السوفيتية وتنظيمها اللامعقول والمنافي للنزعة الإنسانية.
بوستالويفا المليحة « تطعم بناء السوفخوز بجسدها »، كما قال أحد النقاد، وترشي المسؤولين السوفيت بالمغازلة، بل وحتى بالمضاجعة (والإجهاض الإصطناعي)، لتحصل على صندوق مسامير للإستثمارة التي تديرها.
وقد أراد الكاتب لروايته أن تأتي متفائلة بجهود المهندس نيكولاي فيرمو وإبتكاراته الرامية إلى الوصول إلى بحر الصِّبا ومياهه العذرية العذبة في أعمق أعماق الأرض، ولكن، ورغم النهاية السعيدة للرواية (فيرمو وبوستالويفا يستقلان الباخرة إلى أميركا للدراسة)، إلا أنها جاءت، كما هو شأن كل مؤلفات بلاتونوف، حزينة أليمة على العموم.
ذلك لأن إهتمام الكاتب بالمعذبين وبضحايا الأحلام الطوباوية الإشتراكية كان يزداد مع تزايد الجهود المبذولة لتحقيق تلك الأحلام مع أنها كانت تبتعد أكثر فأكثر.
Avis
Il n’y a pas encore d’avis.